يا أبي
هذي روابينا تغشَّاها سكونُ الموتِ ..
أدماها الضجرْ ..
هذه قريتنا تشكو ..
وهذا غصن أحلامي انكسرْ ..
يا أبي ..
وجهك معروق ..
وهذا دمع عينيك انهمرْ ..
هذه قريتنا كاسفة الخدينِ ..
صفراء الشجرْ ..
ما الذي يجري هنا يا أبتي ..
هل نفضَ الموتَ التتَرْ ؟!
يا أبي ..
هذا هو الفجر تدلَّى فوقنا من جانب الأُفُقْ ..
وفي طلعته لون الأسى ..
هاهو المركب في شاطئنا الغالي رَسَى ..
غيرَ أنا ما سمعنا يا أبي ..
صوتَ الأذانْ ..
عجبًا ..
صوتُ الأذانْ ؟؟
منذ أنْ صاحبني الوعيُ بما يحدث في هذا المكانْ ..
منذ أنْ أصغيتُ للجدَّةِ ..
تروي من حكاياتِ الزمانْ :
( كان في الماضي وكان )
منذ أن أدركتُ معنى ما يُقالْ ..
وأنا أسمع تكبيرَ أذان الفجرِ ..
ينساب على هذي التِّلالْ ..
فلماذا سكت اليومَ ..
فلم أسمعْ سوى رَجْعِ السؤالْ ؟؟!
يا أبي ..
هذا هو الفجر ترامى في الأُفُقْ ..
هذه الشمس تمادت في عروق الكونِ ..
ساحت في الطرقْ ..
فلماذا يا أبي لم نسمع اليومَ الأذانْ ؟!
ولماذا اشتدت الوحشة في هذا المكانْ ؟؟
يا أبي ..
كنا على التكبير نستقبل أفواج الصَّباحْ ..
وعلى التكبير نستقبل أفواج المساءْ ..
وعلى التكبير نغدو ونروحُ ..
وبه تنتعش الأنفس تلتأم الجروحُ ..
وبه عطر أمانينا يفوحُ ..
فلماذا يا أبي لم نسمع اليوم الأذانْ ؟!
ولماذا اشتدت الوحشة في هذا المكان ؟!
يا بُنَيَّ اسكتْ فقد أحرقني هذا السُّؤالْ ..
أنت لم تسألْ ولكنّك أطلقت النِّبال ..
أوَ تدري لِم لمْ نسمع هنا صوت الأذانْ ؟!
ولماذا اشتدت الوحشة في هذا المكانْ ؟!
هذه القرية ما عادتْ لنا ..
هذه القرية كانت آمنهْ ..
هي بالأمس لنا ..
وهي اليوم لهم مستوطنَهْ ..
يطاردني بها وأنا أشيح
وأني إذ أكتمها شحيح
وإن ضاق الزمان به فسيح
نضارته وجف به القريح
و صوحت الأزاهر و السفوح
دم الإسلام وألمي يسيح
نداء الحق في شفتي ذبيح
وهذا الشعب تنهشه القروح
وهل بعد النزوح غداً نزوح
وتشكو للجروح به الجروح
على أنقاضه سقط الطموح
فما وهنوا ولا وهن الجريح
صلاباٌ لا تحاركهن ريح
وما نطق العيي ولا الفصيح
وأن وجودهم عرض قبيح
وهذا الجرح في كبدي يصيح
ويسألني عن الأخبار طفلي
يظن بأن بي بخلاٌ فيقسو
ويعلم أنني أحنو وصدري
ولو أني نطقت بها لغارت
وأظلمت الحياة بناظريه
وماذا أقول له وهذا
و ماذا قد أقول له وهذا
شعوب الأرض في دعة وأمن
تناوشه الطغاة فأين يمضي
يقارع طغمة الإجرام فردا
فكم هدم الطغاة هناك بيتا
وكم سفكوا دما حرا أبياٌ
وكالأشجار تنتصب الضحايا
فما سمع الكبار لهم صراخا
كأن دمائهم ماء كريه
على أي الجنوب سأستريح